لم ْ أطرق بابكِ وطرقتُ بابَ الله ..

حزينة على عيناي التي لا تستحق أن أحرقها بالدموع , حزينة على أطرافي الباردة
, , لو كان بإمكاني أن أعود طفلةً في هذه الليلة فقط , لن أخجل حينها من البكاء أمام الملأ ,
ولن أتردد في طرق الباب على أمي لأخبرها بأني خائفة وأريد الاختباء في حضنها ,
لن أفكر بشخص بعيد ولن أتخيله يجلس بجانبي ,
لن أشعر بالوحدة وهي تغرس سكينها في قلبي .

, ماذا لو أنني لم أكبر ,
كنت صغيرة أواجه الحياة وأنا مختبئة خلف جدار آمن , لكن الآن جاء دوري و أصبحت ذاتي الجدار,, الآن اتضحت صورتها أمامي أو ربما استطعت أن أراها كما يجب ,
الحياة ليست كما نرسمها في مخيلتنا ,
الحياة لا تهدينا حلوى ولحظات جميلة
ولا تهب لنا أناساً طيبين دون أن تسرقهم منا في أي وقت
, لابد أن تتعثر وتتألم وتسقط .
,ولابد من أن تجبر نفسك المنكسرة على أن تنهض آخرى ,وتنهض وتسقط . !
ستشعر أنك صغير أمام هذه الحياة ولو كبرت , ستكبر وستشعر أنك ما زلت تحتاج لأن تكون صغير, ستذبل يوماً ما وتشعر بولائك تجاه الحياة رغم أنها لم تكن لطيفة معك دائماً .
ستشعر يوماً أنك ممتن لكل أحداث حياتك لأنها ربتك ,علمتك ,أنضجتك .!
أظن أنني كبرت والكبار يا أمي لا يبكون ,
ولا يطرقون أبواب أمهاتهم في منتصف الليل لسبب يرونه الكبار تافهاً ,
الكبار لا يخافون ويجب أن يُظهروا قوتهم أمام الجميع , وعندما يديرون ظهروهم يشبعون رغبتهم بالبكاء .
أنا كبيرة لكنني لا أريد أن أكون كذلك الآن , أنا كبيرة و أخاف, أنا كبيرة أبكي دون أن يراني أحد , كبيرة وأريد من أحد يمسح على شعري ويدعني أنام ..!
أنا كبيرة يا أمي ولهذا لم أطرق بابك في منتصف الليل وطرقت باب الله .!
وطرقتُ باب الله , باب الله !
وبابك يالله ليس مغلقاً حتى أطرقه كـ بابِ أمي . !
بابك يالله لا استأذن حين أطرقه كـ بابِ أمي وغيرها !
بابك يالله مفتوح لا يحتاج لـ طرق , وتأدُباً معكَ سـ أطرقه بصوتي المُنهك ْ ..!
كل صغير حين يخاف يُسرع إلى من هو أكبر منه,!
أرأيتم صغير يحتمي إلى صغير .!
وماذا عساهما أن يفعلا .!
أنا كبيرة ولن أحتمي حين أخاف وأخذل إلى كبير مثلي !
بل إلى أكبر منّي .وهو الله !
والله أكبر من كل شيء ,هو وحده من يستحق أن أهرب إليه حين أتشتت من ضجيج الدنيا ولهو الحياة .!
حين نُخذل وننكسر ليس سواك من يرفع ويجبر .!
أنت وحدك من سيقبلنا دون عبادك .!
مذنبين سَ تقبلنا
صالحين س َتقبلنا

الله وحده لن نخجل أمامه حين نظهر ضعفنا .!
الله وحده من نتجرأ أن نقول له :
أنا ضعيف , أنا متعب ,أنا مُنهك , وأنا مكسور !
الله وحده من لا نخجل حين نبكي عنده
الله وحده هو من يفرح حين نشكو ونبكي عنده ونكثر , وعباده الضعفاء
,لهم خطوط لا نتعدها إن أردنا أن نحتاجهم ..!
الله وحده من لا يمل من كثرة شكوانا .!
يسمعنا بإنصات ويعلم ما نقول قبل أن نقوله .!

الله وحده من يجير كسرنا إن انكسرنا ,من يُـقدر أصواتنا المكسورة حين ترتفع لـلسماء
من يقبلنا بكل ما فينا .!

عبادك يالله خلقتهم لنا إخوة ,لكن لا يليق بنا أن نظهر ضعفنا وانكسارنا إلا عندك .!
هم متعبون مثلنا ويخفون مثلنا وأنت وحدك من يرانا ويراهم . !
وكُـلنا إليكَ راجعون .!
كُـلنا إليكَ راجعـون .. !